يرقة
.. تفتحت في احضان الربيع , خرجت من عشها لترى الحياة , كانت في
كيسها عالم صغير , فيه بعض الألم و بعض الدفء و الحنان , خرجت لترى الدنيا
و لم تعلم ما يخفيه , و مدت أشرعتها و بدأت تطير , سقطت عليها نقطة ماء
اسقطتها ارضا" , و كسرت جناحها الرقيق … بكت .. ثم نظرت إلى
الأعلى , و إذ بفتاة تبكي بحرقة , مسحت الفراشة دمعتها الصغيرة و صعدت على
كتف الفتاة , بدأت تهمس بأذنها بأن تتوقف .. و تقول ما بها …
لاحظتها الفتاة و وضعتها على يدها , و ما زالت تبكي , لم تحتمل الفراشة
بكائها و أرادت الصعود لجمع قطرت اللؤلؤ المتساقط , فرفعت جناحها المكسورة
و هي تتألم و تصرخ .. و مدتها للسماء , لكنها لم تستطع … نظرت
إليها الفتاه منذهلة من منظرها الصغير .. و دموعها تنهمر .. و ما زالت
الفراشة تحاول .. ثم سقطت مرهقة , فنظرت إلى الفتاة و قد خف بكائها ..
فسألتها ما بالها تبكي بهذه الشدة؟؟؟!!
ابتسمت و دموعها لم تجف بعد : قلبي يؤلمني , اريد اقتلاعه , أريد ذبحه …
نظرت الفراشة من
جديد لعينا الفتاة و قالت و هي تتألم : تريدين اقتلاع جزء منك ؟؟ ألهذه
الدرجه يؤلمك وجود قلب داخل جوفك ؟؟ أهو أكثر إيلاما" من جناحي المكسور
؟؟!!
]قالت : أراكِ صغيرة
و لم تري من الحياة شيئا" , و لو كنت إنسانة لعلمت مقدار هذا الحمل الذي
يحمله هذا السجن الصغير الذي يحميه كي لا يتضرر , ستري كيف أن المرض و
الألم سيتخلله دون ان تشعري, و يتراكم هذا الألم البسيط لحين تتعودي
عليه
و فجأة ..
ستشعري بذاك الألم الذي يمزق أحشائك , و تتمنين أن تقتلعين هذا الألم اللعين .
شعرت الفراشة بنبض داخلها .. بقوة تدفعها للحياة ..
قالت : أهذا هو !
إنه شعور رائع أن تحملي هذه القطعه داخلك .. قالت الفتاه : نعم , كانت
البداية كذلك , سبب حياتي , أمل عمري , طموحي الذي أعيش من أجله , ربيعي و
شتائي , فرحي .. سعادتي…
كنت كلما أسمعه ينبض
.. أبدأ رقصي المعتاد بالحديقة , و يبدأ الندى يرسم جماله على أزهاري ,
أشعر أن الدنيا أصبحت صغيرة و ضيقة .. و لا أجد مكان أنشر سعادتي .. و
أعلم العالم بهذا الشعور الرائع ..
بدأ القلب بالتوقف
عدة مرات , اصبحت تصيبه سيوف من بعيد , إلى أن غابت روح ذلك القلب , فأصبح
ضعيفا" و مرهقا" .. لا يحمل حياة و لا تلك الأحاسيس الدافقة ..
مدت الفراشة
يدها الى داخل جوفها .. و اخرجت قلبها الصغير و نظرت إليه .. و قالت : لم
أتحمل ألم كسر جناحي , و أظنه سيشفى بعد حين , فكيف سأستطيع تحمل هذا
القلب الحزين الذي لا تشفيه السنين!!!
عادت و مدت جناحيها بكل قوة و دموعها البريئة تسيل من الألم .. وسقطت على يد تلك الفتاة
أجهشت الفتاة بالبكاء إلى أن صرخت أخر صرخاتها للسماء ..
فقد .. اقتلعت .. قلبها … الحزين …