منتديات راحة رال

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات راحة رال

3 مشترك

    شهداء واسرى

    avatar
    xnightlotdx


    ذكر عدد المساهمات : 7
    تاريخ التسجيل : 18/11/2009

    شهداء واسرى Empty شهداء واسرى

    مُساهمة من طرف xnightlotdx الجمعة نوفمبر 27, 2009 10:23 pm


    الشيخ محمد أبو طير ..وأكثر من ربع قرن في الصمود خلف القضبان
    [ 18/11/2009 - 10:31 م ]

    شهداء واسرى Images2009_News_2009_november_18_90_300_0
    بقلم الوزير الأسير: م/ وصفي قبها


    من يتابع مسيرة نضال وجهاد الشعب الفلسطيني والحركة الأسيرة الفلسطينية في سجون ومعتقلات الاحتلال "الإسرائيلي"؛ يجد أن أكثر من ثمانمائة ألف فلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لمرة واحدة على الأقل، ومن بين هؤلاء هناك ثلة أمضت أكثر من ربع قرن في عتمة السجن، قدموا زهرات شبابهم وسنيِّ عمرهم من أجل حرية شعبهم وقداسة قضيتهم وعدالتها.. هؤلاء هم صفوة الصفوة، والرجال الرجال في زمن عزَّ فيه الرجال. هؤلاء هم نجوم المجتمع الفلسطيني وألمع الأسماء فيه، الذين تميزوا عن غيرهم من العلماء والأدباء وأهل الفكر والدعوة والسياسة، وأصحاب الاختصاصات العلمية والمشاهير؛ بأن كل واحد منهم أسطورة من التضحيات والعطاءات والصبر والصمود؛ حيث عاشوا حياة السجن القاسية، ورأوا وعانوا من صنوف التعذيب والعنت والمشقة ما تشيب لهوله الولدان.

    هؤلاء الذين لا يعيشون لذواتهم، بل يعيشون لغيرهم؛ لأنهم يعيشون لفكرة ومبدأ وهدف سامٍ؛ لذلك سطَّروا أروع صفحات البطولة والتضحية والفداء والعزيمة والإصرار، فتصدَّروا بذلك قوائم مصافِّ الرجال، واعتلوا منصة ألمع الشخصيات، وارتقوا أعلى الدرجات؛ لأنهم حماة العقيدة، ورافعو راية المقاومة ولواء الحق، وعلى مدى الأيام لا تَفّتر لهم عزيمة، ولا تلِنْ لهم قناة ولا تنكسر لهم إرادة.

    ومن الرجال الذين سُطِّرَت لهم صفحات عظيمة في سفر النضال والجهاد الفلسطيني، شخصية عظيمة لها سيرتها الفريدة وحضورها القوي في المجتمع الفلسطيني، وفي هذا العصر الرديء؛ عصر الهزائم والظلم، عصر الذل والخيانة والركوع والاستسلام؛ تميزت هذه الشخصية بتاريخ مشرف يستند إلى أسطورة عطاءات وتضحيات وجهاد ونضال لا يقدر عليه إلاّ الخاصة الخاصة، وهو من أهل الكفاءات الذين دفع بهم سكان المدينة المقدسة إلى موقع متقدم ومرتبة قيادية لا يصل إليها إلاّ أهل الثقة والكفاءة.

    إنه المجاهد الكبير الشيخ محمد أبو طير "أبو مصعب الخير" من الذين نالوا التقدير في مجتمعهم، وحَظِيَ بثقته، فدفع به إلى قبة "المجلس التشريعي الفلسطيني" في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

    أبو مصعب الخير من الذين يثبتون على المبدأ، مهما واجهوا من عقبات ومعوقات أو تغييب قسري في بطن الحوت.

    أبو الطير من الشامخين في زمن الركوع، ومن الشموع التي لا ينطفئ زيتها فالقلم والكلمة والريشة والألوان.. كلها تقف عاجزةً أمام تسطير ورسم عظمة تضحيات هذا الرمز الذي طحنت رحى السجن أكثر من سبعة وعشرين عامًا من عمره المديد والمبارك وعلى مدار خمس سجنات؛ حيث كانت البداية عام 1970م بعد عودته من بيروت؛ حيث كان يتابع دراسته الجامعية وكان خلالها قد انتظم في صفوف الثورة الفلسطينية، وقد خضع للتحقيق، ورأى من ألوان التعذيب وأصنافه ما يصعب وصفه.

    وكان والده رحمه الله معه أيضًا في التحقيق؛ حيث تعرَّض للضرب المبرِّح أمام عينيه، فرغم الآلام إلاَّ أن الوالد كان يقوم بتصبير الولد، وقد لحق بهما الأذى الكبير؛ حيث كانت أساليب التحقيق في حينها تعتمد على الإيذاء الجسدي من ضرب وشبح وقد حكم عليه يومها بأربع سنوات.


    وفي العام 1977 كان الاعتقال الثاني وحكم عليه بخمس عشرة سنة، واهتم أبو مصعب الخير كصاحب تجربة بتحصين الأسير وتحرير عقله ونفسيته من أسر الإحباط واليأس وربطه بالمنابع الإسلامية الصافية حيث ارتفع صوته الإسلامي بالإعلان عن تشكيل الجماعة الإسلامية داخل السجن الذي كان أميرها الأول الشيخ حافظ ، وبرز من رموزها وقادتها الشيخ أبو طير وجبر عمار والشهيد نصر جرار ، وغيرهم وكان أكثر وجودهم في سجن عسقلان ، فكانت أخبار الإخوان المسلمين وأدبياتهم وكتابات الشهيد سيد قطب وموائد وحلقات القرآن الكريم والسنة هي ميعن ثقافتهم الذي يرتوون منه والمنهج التربوي الذي رسم لهم ملامح طريقهم الجديدة ، لقد اتجهوا إلى الحركة الإسلامية وكونوا الجماعة الإسلامية بعد أن نفروا من بعض السلوكيات والممارسات الخاطئة من الآخرين الذين شنوا عليهم حرباً شديدة شرسة ، وكانت ردة فعل عنيفة في أوساط فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرت ذلك خيانة وخروجاً عن الصف الوطني ن فحاصرت المؤسسين والمؤيدين للجماعة ، وتمَّ التضييق عليهم وعزلهم ومقاطعتهم ووصفهم بأقسى الأوصاف ، وعندما أظهروا ما لديهم من صلابة وعزيمة وإصرار أطلقوا عليهم تسميات ما أنزل الله بها من سلطان ، فتارة المنفلشين ، وتارة المتساقطين للتبرير أمام الحركة الأسيرة أن هؤلاء ليسوا أصحاب فكر ولا توجهات وطنية ، وإنا ضاقوا بحياة السجن ، ومنهم من أتهم بالعمالة فخضعوا لتحقيقات قاسية مورس خلالها التعذيب الشديد.

    عاش أبو مصعب مع كتاب الله في محنته فحفظه وهو الرمز المعروف على كل المستويات ومن الشخصيات المؤسسة والقيادية للجماعة الإسلامية ،واستطاع من خلال احترامه الذي فرضه على الجميع ، وتنقلاته بين السجون أن يبعث الأمل في النفوس الحزينة التي حال ذوي القربى إذلالها ، فأكد على قوة الحق وأن الصمود والثبات والصبر والاحتساب ، بعد التوكل على الله هو الذي سيتمكن لهؤلاء الشباب الذين وجدوا بالفكر الإسلامي ضالتهم ، وهم الذين عرفوا هذه الطريق بالأمل المفعم بالإيمان الذي بعثهم على هذا العزم والتصميم والعمل ضمن إطار الجماعة الإسلامية ، وعلى قلة عددهم وأمام حملة التشويه التي استهدفتهم إلاَّ أن ثباتهم على الحق وصبرهم على الأذى قد مكن لهم وانتشرت فكرتهم ، وما الشيخ أبو طير إلاَّ احد الرجال العمالقة الذين تخرجوا من مدرسة يوسف عليه السلام مع إخوانه الذين رفعوا آيات القرآن شعارات لهم بعد أن تغذوا منها فسرت في دمائهم وأجسادهم قيم وقناعات " ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكنّ لهم في الأرض " * ، " فاصبر إن وعد الله حق ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " * ، لقد عاش أبو طير وإخوانه محنة داخل محنة السجن ، إلاَّ أن هؤلاء الشباب قد حددوا مهمتهم ومنزلتهم وأمرهم بمواصلة جهودهم وهم على يقين بأن الله معهم ولن يترهم أعمالهم ، لقد حافظوا على قيمهم الإيمانية وأخلاقهم الإسلامية ، وتصوراتهم العقدية ، فلم يتنازلوا عن هذه القيم والمبادئ ، أو يتهاونوا فيها أو في بعضها ، بل تمسكوا بها وتحلوا بها ، وعندما أصبحوا واقعاً ، لهم النفوذ والكلمة لم ينتقموا ممن ألحق بهم الأذى والظلم ، بل تعالوا على جراحهم وترفعوا عن الثأر ، بعزة المؤمن الذي يكظم غيظه ويعفو عن المسيء بل ويحسن إليه ، وهكذا كانوا وما زالوا أعزاء ، بل إن قلوبهم ونفوسهم مليئة بالعزة وتفيض بها ، أمام مشاعر الذل والهوان تبدلت بصبرهم وثباتهم إلى مشاعر عزة وإباء ، هذه الأخلاقيات قد حَبَبَّتْ الناس فيهم وجعلتهم يخضعون لكلامهم ، ويتأثرون بهم ، ويستجيبون لدعوتهم وهم الذين تحملوا من أصناف التعذيب الجسدي والنفسي والتشهير ولم يثنيهم كل ذلك عن نبع معينهم الصافي ، وما هي إلاَّ سنوات قليلة حتى كان موعد غالبيتهم مع الحرية ، وإذا بالشيخ المجاهد أبو مصعب الخير ، يكلف شخصياً من الأستاذ أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة لرئاسة لجنة متابعة وإعداد قوائم الإفراج من سجون الاحتلال ، مقابل ثلاثة جنود كانوا لدى القيادة العامة أخذتهم أسرى أيام حرب لبنان وفاوضت عليهم واستطاعت أن تحصل وتحقق صفقة مشرفة لم يحصل عليها ومثلها حتى الآن ، حيث جاءت هذه الصفقة بعد مباحثات طويلة وشاقة والتي كان مشرفاً عليها في الخارج رئيس الجماعة الإسلامية الأول داخل السجون الشيخ حافظ الدلقموني والذي كان قد أفرج عنه في وقت سابق ، وبالرغم من الأذى الذي لحق بشباب الجماعة إلاَّ أن ذلك لم يكن دافعاً لديهم للانتقام لإسقاط اسماً ممن أشرف ومارس التعذيب والأذى ، لقد تمَّ التعامل مع الموضوع ضمن إطار وطني وبعيد كل البعد عن المنغصات والمناكفات وخالي من دوافع الانتقام والثأر الشخصي ، لقد تمَّ بالفعل إطلاق سراح أكثر من 1150أسير فلسطيني ، وللعلم كان الإمام والمرشد والشيخ القعيد المجاهد أحمد ياسين ضمن هذه الصفقة حيث كان محكوماً عليه يومها ثلاثة عشر عاماً أمضى منها حوالي العام وقد عاش خلالها ضمن إطار الجماعة الإسلامية داخل السجن ، كما أن الشيخ عبد الله نمر درويش من الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر من ضمن الصفقة أيضاً .
    إن الله سبحانه وتعالى لم يضيع أسرى الشعب الفلسطيني ، لقد جاء الفرج يوم 20-5-1985ضمن صفقة مشرفة أطلق عليها نورس الجليل ، وكان الشيخ أبو طير من بينهم وكان قد أمضى يومها ثمان سنوات من مدة محكوميته ، ويذكر أن سلطات الاحتلال قد أصرت على عدم الإفراج عن بعض الأسرى وتحفظت عليهم داخل السجن منهم الشهيد عمر القاسم ( استشهد داخل السجن عام 1989) ومنهم من أفرج عنه عام 1998 كالرفيق محمد رجا نعيرات " أبو رفعت " وأحمد أبو السكر عام 2003 ، ومنهم مازالوا داخل الأسر أمثال سعيد العتبة ، سمير القنطار ، فخري البرغوثي ، نائل البرغوثي ، محمد إبراهيم أبو علي – أبو علي يطا – وأكرم منصور ، وسامي يونس وكريم يونس وعثمان مصلح وغيرهم ...
    وفي العام 1990 كان الاعتقال الثالث لأبو طير حيث أمضى سبع سنوات داخل السجون وكان يومها أميراً عاماً لحماس في بعض السجون ، وكانت حماس قبلها تتعرض للمضايقات ، وقد أصبحت فصيلاً في الحركة الأسيرة الفلسطينية .
    أما الاعتقال الرابع فقد كان عام 1998 ، وقد خضع الشيخ لتحقيق عسكري قاسٍ ، وأخضعت أيضاً والدة الشيخ للتحقيق التي أتهمتها أجهزة الأمن بتقديم المساعدة لأبنها وفلذة كبدها أبو طير ، عاش التحقيق مع والده في الاعتقال الأول ، وعاشت والدته التحقيق معه في الاعتقال الرابع حيث خرج أبو مصعب بعد أن أمضى حوالي ثمان سنوات أخرى في بطن الحوت قبل أن يفرج عنه عام 2005م .
    إن الشيخ محمد أبو طير ، وعلى مدار سنوات سجنه ال27 قد وجد في السجن متعة الخلوة مع الله سبحانه وتعالى وتحسين علاقته به عز وجل ، علاقة العبادة وعلاقة القرآن ، لقد استطاع وبفضل الله عز وجل ومنّه وكرمه من إتمام حفظ القرآن الكريم ، وتثبيته وإتقان تجوديه وفق أحكام التجويد ، لقد شكل القرآن وقوداً وزاداً للشيخ لينتصر به على السجان ونوراً يضيء له عتمة السجن الزنزانة ، وغذاءً روحياً يغذي قلبه بالإيمان ، لم ينكسر ، ولم يلين ، فرغم ضيق السجن وظلماته وضغوطه النفسية على الأسير وتعرضه والأسرى لسوء المعاملة وسوء التغذية وسوء العلاج من السجانين ، ولم يفت ذلك في عضد أبي مصعب ولم يوهن من عزيمته .
    أبو طير ظاهرة فريدة من نوعها ، قرآناً يمشي على الأرض وبين الأسرى داخل السجن يتجول ويرتل آيات الله ، الأمر الذي زاده مهابة ووقاراً واحتراماً وجعل منه قدوة ونموذج عطاء وتضحية ، وهو الذي كرس حياته داخل السجن لخدمة إخوانه من حوله من كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني ، يقوم بتصحيح بعض الإفهام الوطنية وفهم الإسلام لدى أصحاب الفهم المغلوط حيث أوضح أن الاحتلال ومن خلفه أعداء الأمة يريدون الإسلام عقيدة بلا شريعة ، ودين بلا جهاد ، ونهج حياة ، وحقاً بلا قوة ، وسلاماً أو قل ما شئت استسلاماً بلا جهاد ، لقد بذل الشيخ كل ما بوسعه لتوضيح وتبيان الحقيقة بأن الإسلام هو عقيدة وشريعة ودين ودولة ، وحق وقوة وسلاماً وجهاداً ، ومصحفاً وسيفاً ، والسياسة جزء من الإسلام ، والحرية فريضة من فرائضه ، لقد تربى على يديه جيل من الأسرى عرف الحقيقة ، فوهم على يديه الإسلام فهماً دقيقاً ، لقد ربى شباباً يؤمن بالقيم الإسلامية والوطنية وبكل ما يجمع ولا يفرق ، ويوحد ولا يشتت ، لقد غرس فيهم روح وقيم الوحدة والترابط والتوحد والتنسيق والانسجام والتكامل والابتعاد عن كل الموضوعات التي من شأنها أن تمزق الصف وتفرق الكلمة وتشتت الجهد ، ورفض ذلك ، فكان النهج يلازم أبو طير في مسيرة حياته داخل أسوار السجن ، وفي عالم الحرية ، لقد نجح الشيخ في ترسيخ ثقافة إسلامية متميزة أحدثت انقلاباً وتغييراً في نفوس الكثيرين من الأسرى ونجح بتصحيح التصور الوطني للقضية الفلسطينية من منظورها الإسلامي ، وهو الذي يؤكد أن الجهد الأصيل والتضحيات النبيلة هي التي تحافظ على وحدة الشعب في مواجهة المحتل .
    إن الأولوية عند أبو طير في الدفاع عن شعبه وأرضه وحماية أولى القبلتين وثالث الحرمين ، الأولوية حماية وصيانة حقوق الشعب الفلسطيني ، وحماية مسيرة جهاد ونضال هذا الشعب ومعين عطاءه وتضحياته الذي حاول الاحتلال تلويث نبعه وتكدير صفاءه ، فكانت تجارب هذا المجاهد مع الاعتقال والتحقيق مواضيع وعناوين جلسات تدرس ، وهو الذي ألف ووضع في ذلك الكراسات والرسائل والمذكرات ، وقال شعراً معبراً في كل المواضيع التي تعنى بمسيرة هذا الشعب العظيم الذي يرزح تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي منذ أربعين عام في الضفة ومنذ ستين عام داخل الخط الأخضر ، هذا هو أبو مصعب الخير الذي لم يألوا جهداً في تنصير الأسرى من خطورة الاحتلال على الشعب والإنسان وأن الظلم ظلمات ولن يدوم .
    إن الأولوية عنده للجهاد في كل موقع يكون فيه حيث تربية أبناء الشعب على الخشونة والتجرد وحب الأرض والمقدسات ورفض الاحتلال مهما كان لونه وشكله ، الأولوية عند شيخنا الذي تجاوز به العمر ستون عاماً إيقاظ الأمة من سباتها ، وبعث الإيمان و روح الحياة في أوصال هذا الشعب ليقف صفاً واحداً وحصناً منيعاً أمام كل من يحاول أن يسلب هذا الشعب حقاً من حقوقه أو يجرده من قيمه وأخلاقياته ، وليبقى الشعب بكل فصائله جسداً موحداً أمام كل من يمثل خطراً على عقيدة ودين وحياة هذا الشعب ، هذا المجاهد الذي يزأر من خلف قضبان الأسر منادي أبناء فصائل شعبه وإشعارهم وتذكيرهم بأنهم شعب واحد ، يشترك معاً في القبلة والعقيدة والتوجه أو في الوطنية والهوية الفلسطينية وفي المصير ، هذا الصوت الهادر الذي يستصرخ ضمير طرفي الخلاف في الساحة الفلسطينية بأن ينبذوا الخلاف ويتوحدوا من أجل سمو قضيتهم والتصدي لكل الأخطار المحدقة بها . فيظهر لنا بأنه يكره الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ، فيلجأ إلى الله و يدعوه باكياً أن يخرج شعبنا من محنته .
    لقد تجلت الوحدوية في مسيرة وسيرة الشيخ أبو طير وفي دعوته ومخاطبته أبناء شعبه وتعاملاته وخطابه السياسي ، هذا هو أبو طير الذي تعرفت عليه لأول مرة ، والتقيته في سجن الخليل المركزي عام 1995 بعد أن سمعت عنه الكثير الكثير من طيب الأخلاق والممارسات ، ففي سجن الخليل رأيت في خطواته الوئيدة ونظراته الهادفة يمشي في ساحة السجن باسماً متفائلاً يصبر الإخوان على لأواء الغربة وقسوة النفي في السجن ، ويؤمل الخير في المستقبل ، فحقاً إنه صاحب فطنة وحكمة يعرفها الذين عرفوه وعايشوه في السجون والمعتقلات وفي الحرية التي أمضى فيها فقط نصف عمره تقريباً ، عايشته وتعرفت عليه في أكثر من سجن وكان آخرها سجني الرملة والجلمة ، حيث لا زال يحتفظ بحيويته وإرادته الصلبة وعطاءه المتميز ، وهو الذي اختطفه الاحتلال منذ حوالي سنتين مع عدد كبير من وزراء وأعضاء المجلس التشريعي ، وصل إلى إحدى وخمسين نائباً و وزيراً ، فكل سنوات السجن السبع والعشرون ، لم تكسر شموخه وكان على الدوام مرجعية للحركة الأسيرة بحكمته وحنكته في التعامل مع الأزمات وحل الإشكالات بين الأسرى وإدارة السجن وهو الذي له الأثر الكبير في نفوس وحياة الأسرى الذين عايشوه أثناء وجوده بينهم ، فقد ترك الكثير من البصمات التي باتت واضحة وجلية في كل سجن حطت عصا الترحال به وهو يتنقل من سجن إلى سجن ، وكان على الدوام شعلة من النشاط وشعلة من الإيمان لا يعرف الكلل ولا الملل من العمل وخدمة الأسرى ، لقد تميز بالاتزان من بدايات الأسر ، وأدرك الأشياء والواجبات من بداية شبابه ووعيه على الدنيا ، فذهب إلى بيروت ليلتحق بالجامعة وكان مقبلاً على التعلم ، ولكن حبه لدينه ووطنه وللأقصى كان أكبر من كل شيء ، وهو ابن مدينة القدس الذي أحب المسجد الأقصى حباً جماً ، فباع نفسه وسنوات عمره من أجل ذلك ، ويكفيه فخراً أن الجميع أحبه ، وكان محط وموضوع إجماع كل الفصائل ، وهو صاحب البصمات الكبيرة والواضحة على مسيرة الحركة الفلسطينية الأسيرة من خلال الانجازات التي تحققت من خلال معارك الأمعاء الخاوية ( الإضراب عن الطعام ) ومحاوراته مع إدارة مصلحة السجون بصفته أحد كبار قادة هذه الحركة فكان وعلى الدوام محاوراً ناجحاً وسياسياً محنكاً استطاع أن يفرض احترامه على إدارة السجن وهو صاحب الكلمة والموقف والرأي .
    أبو طير خطيب الجمعة المفوه والمتألق بجاذبيته وأسلوبه وكلامه الصادر من القلب ، كان من الواضعين للأنظمة واللوائح الداخلية التي تضبط العمل والعلاقات بين الفصائل وبين أبناء الحركة الإسلامية الأسيرة ، أبو طير شخصية وحدوية وجامعة لكل الفصائل في كافة مسيرة حياته الاعتقالية . مسيرة حياته المليئة بالأعمال النضالية والجهادية والتضحيات والآلام والآمال وهو مفعم بالحب والصدق والإخلاص ، هو قمة في عطاءه وجوده وبذله ، يعيش لدينه ووطنه ، فهو كله ملك للوطن ، أوقاته وجهده وماله ، يبعث في نفوس من حوله قضية العقيدة والمبدأ ، وقضية الوطن ، أمضى في السجون من العقود الثلاثة ، وهو صابر و مرابط ولا يستكين ، تجد نفسك أمام رجل من طراز فذ تحركه في الدنيا مشاعر الإيمان وحب الأوطان ، أبو طير من الرجال العظام الذين يجسدون القيم والرفيعة في سلوكهم ، ولم تكن رذائل الرياء والتطلع إلى الدنيا تعرف طريقاً إلى فؤاده ، هذه العظمة في الأخلاق ورحابة الرؤيا ورحابة العلاقات التي كان لها انعكاس على كافة أبناء الشعب الفلسطيني المتواجدين على أرض فلسطين التاريخية ، فخطابه متوازن وغير متشدد في أحكامه وليس حرفي في طروحاته ، وليس جافاً في أسلوبه ولا متساهلاً في إطلاقاته ، بل وسطي في كل شيء ، شديد التواضع ، إحساسه بعذابات شعبه قد أكسبه هذه الكاريزما الفريدة من نوعها .
    أبو طير الذي يقبع في سجن نيتسان / مجمع أيالون الرملة ، ينادي ويؤصل لقضية الوحدة الوطنية وتجميع أبناء الشعب الفلسطيني على الثوابت الوطنية والعمل معاً وفق القواسم المشتركة بين الفصائل ، وتجميد الخلافات التي لا تنتهي ، ينادي بضرورة التعامل بأخوة وصفاء تام والابتعاد عن كل ما هو مثار فتنة وخلاف شديد .
    هذا هو أبو طير الرمز والعلم نحسبه ولا نزكي على الله أحداً ، مأموناً في دينه وعلى دينه وفي كل الأوقات من الرضا والغضب فلا حقد ولا استكبار ولا هروب من ساحات العمل الدعوي والجهادي ، ولا نكوص عن المبدأ ، تميز بعطاءاته ،وتميز بتضحياته وصدع بالحق ، واستعلاء بإيمانه في تواضع ، فهو أسطورة النضال والجهاد التي ألهمت الأجيال الصاعدة لأن تثبت أولاً وتستعلي ثانياً ، وهو من الرجالات ومن الصفوة التي أفنت زهرات شبابها خلف القضبان ، تعرف متى تكون صلابة الحديد في مواقفها ومتى تكون في ليونة الحرير ، لقد حظي بثقة أهالي القدس وأحباب المسجد الأقصى وجيران المسجد الأقصى من الفلسطينيين بكفاءة وجدارة وأصبح عضواً في التشريعي ، الأمر الذي حرك مشاعر الحقد في نفوس المحتل فأصدر قراره يوم 29-5-2006 بسحب هويته المقدسية مع الوزير المهندس خالد أبو عرفة ، وكذلك الأستاذين أحمد عطوان ومحمد عمران طوطح عضوا المجلس التشريعي ، و أبعدوا أيضاً عن القدس والمناطق المحتلة عام 1948 ، وقد تمت المصادقة على هذا القرار مؤخراً بعد أن رفضوا جميعاً الاستقالة من تمثيل أبناء القدس في التشريعي.
    لقد كرمت كتلة التغيير والإصلاح المجاهد الكبير أبو طير وقدمته في المرتبة الثانية بعد الأستاذ إسماعيل هنية في القاعدة الانتخابية على مستوى الوطن كله ، وهذا تقدير وعرفان لمسيرة المجاهد أبو مصعب الخير ، وهو الكبير في زنزانته وفي حريته وفي دعوته وفي سجنه ، والكبير في عيون أبناء شعبه ، فهنيئاً لأبو طير هذه الثقة وهذا الحب.
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 103
    تاريخ التسجيل : 26/08/2009

    شهداء واسرى Empty رد: شهداء واسرى

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين نوفمبر 30, 2009 2:49 am

    الف شكر
    avatar
    محبة في الله


    انثى عدد المساهمات : 12
    تاريخ التسجيل : 27/11/2009

    شهداء واسرى Empty رد: شهداء واسرى

    مُساهمة من طرف محبة في الله الخميس يناير 21, 2010 10:36 am

    ربنا يحرر ارض فلسطين

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 5:32 am